من خفايا و أسرار الرسم القرآني والإعجاز العلمي
- التفاصيل
- المجموعة: تفاصيل
- نشر بتاريخ الأحد, 16 شباط/فبراير 2014 20:25
- كتب بواسطة: الشيخ الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي
- الزيارات: 2512
من خفايا و أسرار الرسم القرآني والإعجاز العلمي
ينطوي رسم القرآن على أسرار لا تهتدي إليها العقول إلا بالفتح الرباني ،فهو كسائر العلوم يأخذ منه الباحث ما يستطيع أخذه ،ويترك لصاحب القدرة العقلية والبصيرة النافذة ما يستطيع استنباطه كذلك ،ولو أخذ المجتهد من هذه الأسرار ما يدهش الألباب ،فإنه مع ذلك يبقى في بداية الطريق ،وفي هذا الشأن يقول الحق سبحانه : ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) سورة الإسراء الآية85،وتتقد شعلة الاكتشاف بمحبة الله لذلك المجتهد في محراب التأمل في انتظار منحة إلهية تهديه إلى الاستنباط من هذه الأسرار .ومن منطلق هذه المحبة الصادقة يتحقق الفهم الدقيق وفي هذا الشأن قال النبي صلى الله عليه وسلم ،فيما يرويه عن ربه جل شأنه ( الإخلاص سر من أسراري ،استودعته من أحببته من عبادي ) رواه البخاري وكمثال على ذلك لفظة ( الرحمـــاـــن ) من قوله تعالى:( الرحمـــــــاــــن علم القرءان ،خلق الانســــاـــن علمه البيان ،الشمس والقمر بحسبان ،والنجم والشجر يسجدان ) سورة الرحمان الآية من ( 1 إلى :3 ) فقال في علة حذف ألف هذه الكلمة أحد المجتهدين ،إن حذفه عائد إلى انفراد الله بهذا الإسم ،حيث لا يوصف به أحد إلا الله سبحانه ،فلما انتفى قيام المثيل حذفت الألف للدلالة على ذلك وقال غيره :حذفت الألف للإشارة إلى أن الله قد أعطى لكل مخلوق حقه في الدنيا ،فعباده سبحانه كلهم أمامه سواء ،وهذا ما يسمى بالعطاء الربوبي ،وهو نوعانعطاء لم نجد معه تعب كالشمس ،والهواء ،والأشعة الحرارية والماء ،وعطاء لا يتحقق إلا بالعمل والكد والجد و هناك اجتهاد آخر يفيد أن حذف الألف جاء للدلالة على أن رحمة الله التي نعيش في ظلالها لم يعلم بها أحد إلا هو جل شأنه ،فهي في طي الغيب ،أو بمعنى آخر ،أن ما يحذف ألفه ،يدل على أن أفعال الله وتصرفاته تكون بعيدة عن عقولنا ،وهناك اجتهاد آخر ،وهو من صاحب الموقع ،يفيد أن حذف الألف أتى للإشارة إلى وحدانية الله فانفراد الألف يدل على انفراد الخالق جل شأنه ،ومن جانب آخر رسمت اللفظة بحذف الألف للدلالة على أن قدرة الله تعتبر فوق كل قدرة ،والتي تتجلى في خلق هذا الكون وحده سبحانه ،ووسع مساحته لتحتوي على مائتي مليار مجرة ،ويوجد في كل مجرة عدد لاحصر له من النجوم والكواكب والمذنبات وغيرها من مخلوقات الفضاء. إن هذا الكون لا يشاهد منه إلا خمسة في المائة ، أما خمسة وتسعون في المائة فهو غائب عنا لا يعلم به إلا خالقه جل شأنه ورسمت كلمة القرآن بإثبات الألف للدلالة على قراءته المحسوسة ،وترتيله الملموس ،إذ كل ما يشاهد فتثبت ألفه ،وكل ما لا يفهم ويدرك ،تحذف ألفه ، فإثبات الألف يشير إلى إثبات وجود الله وقدرته ،وحذفه يدل على غياب عقول عباده عن تصرفاته سبحانه ،وحذفت الألف من لفظة ( الإنســاــن ) للدلالة على أنه معجزة إلهية تتجلى في جسمه وأعضائه وقلبه ،وفي هذا الشأن قال عالم مطلع على جزء من أسرار هذا الجسم الإنساني الغريب هو الدكتور ألان نورس ( إن أولئك الذين يدرسون جسم الإنسان ،يزداد إيمانهم بالإعجاز كلما ازداد علمهم به ) فخلية الجسم البشري مثلا ،وهي أكبر معجزة فيه ،نجد عددها يصل إلى ثلاثمائة آلاف مليار خلية وكل واحدة منها تمثل معملا كيميائيا مستقلا بذاته ،رغم الالتحام الحاصل بين أجزائها ،باستثناء نوع من هذه الخلايا يدعى بالخلايا البيضاء ،فإنها تعمل بانفراد عن العدد الكلي لحراسة جسم الإنسان وعن كل ما يضره ويفتك بصحته ،وعليه فإذا كان الإنسان عرف التحصص في الميدان الحربي ،فإن القرآن عرف هذا التخصص منذ قرون طويلة،ومن العجب أنها لا تعرف الراحة أبدا ،فهي تطوف في الجسم صعودا وهبوطا عدد الف وخمسمائة مرة تبحث عن أعداء صحة الجسم ،ويفنى من العدد الكلي السابق مائة وخمسة وعشرون مليون خلية ،ويعود في نفس الوقت العدد نفسه ،تقول الخلايا الراحلة ،إياك ياصاحبي أن تومن بخلود الدنيا ،فإنك راحل كما رحلت أنا ،وتقول العائدة كن مستعدا للقاء ربك فإنك مهما طال بك الزمان فلا بد أن تعود إلى خالقك للحساب والجزاء ،ومن العجب أيضا أننا نجد الخلايا العصبية لا تفنى ،ولو ماتت فإن الإنسان سيتجرد من كل ما يملك من المعرفة والعلم ،وبذلك يعود إلى مرحلة القراءة من جديد،وهذا هو السر في تحريم الخمر والمخدرات ،باعتبار أنها تحتوي على مواد كيميائية تهاجم الخلايا العصبية التي لا تعود في حال إتلافها بهذه المخدرات،ولو تتبعت ما يتعلق بإعجاز الجسم البشري لاحتجنا إلى مآت المجلدات ،ومن هنا وردت لفظة (الإنســــــــاــــن ) بحذف الألف للإشارة إلى هذا الإعجاز المدهش الذي لا يزيد الباحث والمتأمل إلا اندهاشا وإيمانا.أما كلمة (البيان )فقد أتت بإثبات الألف للدلالة على إثبات النطق في الإنسان وفصاحته ،فبلاغة المرء لها قيمة عالية لهذا وردت بهذا الشكل للإشارة إلى ذلك ونجد لفظة (بحسبان ) وردت هي بدورها بإثبات الألف للإشارة إلى أن (الشمس والقمر ) فهما يسيران بنظام مدهش ومقدر ، يترتب عليه أمور الكائنات الأرضية وتعاقب الفصول والأوقات ،فإثبات الألف يدخل في إطار المشاهدة والإدراك ، للشمس والقمر كما نلمس ذلك في إرسالها الأشعة الحرارية والأشعة الضوئية لأهل الأرض أما القمر فهو يبعث بدوره أيضا نوره إلى أهل الأرض للاستفادة منه ،وأما كلمة (يسجدان ) فقد وردت بحذف الألف للإشارة إلى جهلنا بهذا السجود ،فهو ليس سجودا محسوسا كما هو معروف عندنا ،ولكنه سجود القدرة الإلهية ،لكن العلم لم يتركنا فريسة لهذا الجهل ،بل أفادنا بأن في كل مخلوق عقلا يسبح به لخالقه ،ويرشد النباتات إلى الجهة التي يريدها فهو الذي يسير الأوراق والخلايا الموجودة في خمائله مثلا وهكذا نعلم أن سجود (النجم والشجر ) هو عبارة عن تسبيحهما للخالق جل وعلا .ولكن بالطريقة التي نجهلها نحن ويعلمها ربنا الكريم .ولكي أجرك إلى الإيمان بربك أكثر أرى بأن أفاجئك بأن الله خلق كل نجم ليؤدي وظيفته ،كما رسمها له الخالق سبحانه ،وفي نفس الوقت ،نعلم أنه لا يترك تسبيحه لخالقه ،وأحسن مثال أراه مناسبا هنا ،هو أن للنجوم أنواعا عديدة ،منها ما يدهش عقلك ويحير ذهنك ،وذلك كالنجم النيوتروني مثلا ،فقد لا حظ العلماء أن له ثلاثة كواكب تدور حوله ،ويبعد عنا هذا النجم ،بحوالي 1400 سنة ضوئية وهي تساوي 9.5 مليون مليون كلم ويتجلى لك أيها القارئ الكريم ،تسبيح هذه المخلوقات بالطريقة العلمية لكي تكون الرؤية أوضح ،وهي أن كل مخلوق يتألف من ذرات ،وكل ذرة تنقسم إلى ثلاثة أقسام :( النيوترون والبروتون )،ويكونان ما يعرف بالنواة عند اتحادهما ،وهي تدور في اتجاه اليسار ،مستغرقة في تسبيحها لله سبحانه أما ( الإليكترون) ،فيدور حول هذه النواة بنفس الاتجاه يسبح لله بدوره ،ومن أجل هذا ،حذفت ألف ( يسجدان ) باعتبار غياب هذا التسبيح عنا.

