من فقه الولي الصالح الشيخ عبد الله الهبطي

 

من  فقه  الولي الصالح  الشيخ عبد الله  الهبطي

 

يعتبر الولي الصالح الشيخ عبد  الله  الهبطي عالما مطلعا بما عرف في عصره من  مختلف العلوم ، من تفسير وحديث وقراءات ورسم وتصوف وأصول وفقه ولغة ، و أدب وتجويد قال الشيخ الكتاني في حقه : (  كان الشيخ الهبطي  ـ  رحمه الله ـفقيها مطلعا حافظا  مفتيا متقنا ورعا شديد الشكيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عظيم الإنصاف لا يفتي إلا بما علم  )  سلوة الأنفاس 2ـ 166 ـ وقد تولى منصب الفتوى في ناحية بلاد الهبط ،ومهمة المفتي آنذاك هو النظر في حل القضايا المستعصية التي لا يتسع وقت القضاء لتخريجها ،ونظرا لأهمية هذه المهمة كان  تعيين المفتين من اختصاص الملك في عهد السعديين ) وقد   ظهر الشيخ عبد الله الهبطي في منطقة الشمال ،عالما متمكنا مما يفيد به الناس وزاهدا متصوفا صبورا   شغوفا   بكل ما يضيفه إلى فكره ،ومن هنا نجد شيخه ابن خجو يقول :   (   كان عبد الله الهبطي غزالي هذا الزمان ،ولقد من الله علينا وعلى المسلمين به   ) .

 

 

 

 

إحصاء العدة 

جاء الأمر الإلهي بالمحافظة على إحصاء العدة ،   و   حرم النكاح قبل فواتها بدليل قوله   سبحانه :   (   وأحصوا العدة )  سورة الطلاق الآية 1 و   قد وقع الاختلاف من المخاطب    بأمر الإحصاء ،فمنهم من قال المراد بالمخاطب هنا هم الأزواج ومنهم من قال :الزوجات ،ومنهم من قال المسلمون كافة ،   غير أن ابن العربي ركز على الأزواج ،فقال هم المراد هنا ،وعلل ذلك بقوله :إن الإحصاء يكون من الزوج لأنه هو الذي ينفق ،وكذلك الحاكم فإنه يفتقر إلى إحصاء العدة ومعرفة أقسامها من أجل إصدار الفتوى عليها وبدأ الناظم ـ رحمه الله ـ بالعدة انطلاقا من تاريخ الطلاق كما صرح بذلك القرآن الكريم حيث قال :  (و المطلقــاـــت يتربصن بأنفسهن   ثلــاــثة قروء)   سورة البقرة الآية 228 ثم جاء بعدها بعدة الوفاة   فقال :    (    والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا    سورة البقرة   الآية   232 .وإلى هذا أشار عبد الله الهبطي بقوله :  

 

القول في العدة من  وقع الطلاق           ومن و فاتنا كذا عـــــلى نسق

 

ثم إن النساء على ثلاثة أقسام :    القسم الأول الصغيرة التي لا تحيض لصغرها ، وهي  ممن يوطأ مثلها . القسم الثاني الكبيرة التي يئست من المحيض لكبر سنها ، فهاتان عدتهما ثلاثة أشهر في الطلاق ،  و  هما المشار إليهما في قوله تعالى  : ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ) سورة الطلاق ومعنى ( إن ارتبتم  ) أن الله لما بين عدة الحائض  بالأقراء ، بقيت اليائسة من المحيض والتي لم تحض ،فارتاب الصحابة في حكمها فنزلت الآية ، و  أما الصيغرة التي لا يوطأ مثلها فلا عدة عليها ، القسم الثالث الحرة من النساءوالتي تحيض ، فعدتها من الطلاق ثلاثة  قروء وهي الأطهار و عند أبي حنيفة أن الأقراء هي الحيض ،والقرء في اللغة لفض مشترك يطلق على الحيض والطهر ، وهنا وقع الاختلاف بين العلماء ، فعند مالك   و الشافعي    هو الطهر ، وقال   أبو حنيفة هو الحيض ،وابن حنبل قال في   أول الأمر الطهر ،ثم تراجع فقال :الحيض ويرى صاحب الموقع أن العلماء لم يعتمدوا على القواعد اللغوية فلو عملوا بها لما حصل بينهم هذا الاختلاف ،  ففي صيغة   ( ثلاثة قروء )    يظهر أن   (   ثلاثة )    ثبتت التاء في العدد    فيكون المراد بالقرء هنا (الطهر ) وجاء في المدونة في قضية الصغيرة    ( وإن دخل بها وهي لا يجامع مثلها لصغرها فلا عدة عليها )    المدونة الكبرى5  ـ   472 و    الزوجة إذا    انفرد بها زوجها ،    فإن العدة تصبح ثابتة متى وقع الطلاق سواء كان في بيته    أو   في  بيتها  ثم    قال الشيخ   الهبطي   :

 

وفـاتنا عدتها يا  حسرة               بأربع   من أشهر وعشرة

 

يفيدنا  بيت الناظم أن المرأة التي توفي عنها زوجها  إن   كانت   حرة مسلمة غير حامل ،   فعدتها    أربعة أشهر وعشر ليال لقوله تعالى   :   ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا )   سورة البقرة الآية   234   و   هذا الحكم يعتبر عاما   سواء كانت صغيرة أو كبيرة ،دخل بها   أو   لم   يدخل   ثم   قال الناظم    :

            

وحـامل عدتها   بوضعها    سوا   من   الوفـاة   أو طلاقها

 

بمعنى أن الحامل بمجرد ما تضع مولودها من    طلاق أو وفاة ،فإن عدتها ترتفع عنها وفي هذا الشأن قال الحق سبحانه:( و أولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن )   سورة الطلاق الآية   4   فإن كان في بطنها أكثر من ولد فولدت واحدا وبقي آخر فهذه تبقى خاضعة لحكم العدة حتى تضع الآ خر . ثم قال الإمام عبد الله  الهبطي  :

 

علامة الطهر على المعروف    بالقصة  البيضـا   أو الجفوف

حقيقة القصــــــة في التفسير     جريان مــاء  أبيض  كالجير

وما بدا من حمرة  لو  قطرة     أو صـــفرة  أو  كدرة  معتادة

فذاك حيض  قل  بلا  اعوجاج     يحرم الوط ء على الأزواج

 

تفيدنا الأبيات أن المرأة إذا   رأت دما      فهو حيض    و    كذلك الأصفر ،   و     كذلك الكدرة و   قيل إن أول الحيض دم خاثر أسود ثم صفرة ثم كدرة ،ثم   ترية    و   هي    ما    تراه المرأة   من   بقية    محيضها   من صفرة أو كدرة ،  و   الكدرة هي أقل من الصفرة    ثم   بعد   هذا   ،   القصة    البيضاء ،   جاء   في  المدونة ،(وإذا رأت صفرة أو كدرة في أيام حيضها أو في غيرها فهي حيض )   و  الصفرة   و  الكدرة   حيض   بلا   خلا ف  في   مذهب   مالك   يحرم   الوط ء   على   الأزواج ،  لأن   وط ء الحائض حرام ،وقد أجمع العلماء على أنه يحرم وط ء الحائض والنفساء في الفرج ،  بدليل قوله سبحانه   (   فاعتزلوا النساء في المحيض ،ولا تقربوهن  حتى يطهرن ) سورة البقرة الآية 222   وروي   عن عائشة   ـ رضي الله عنها ـ أنها   قالت : (   كان صلى الله عليه وسلم ،يضطجع معي وأنا حائض وبيني وبينه ثوب )  رواه مسلم وروى أحمد عن عائشة ( كان صلى الله عليه وسلم ،  يتوشحني أي يعانقني ويقبلني ،وينال من رأسي وبيني وبينه ثوب وأنا حائض )  وعلامة انقطاع الحيض شيئان   :  ــ 1ـ الجفوف وهو خروج الخرقة خالية من  أثر الدم ، و  لو كانت مبتلة من رطوبة الفرج 2والقصة و  هو ماء أبيض كالمني أو الجير المبلول  و  القصة   أبلغ و  أدل على براءة الرحم من الحيض .و   إذا اغتسلت الحائض أو النفساء ثم رأت   قطرة من دم ،  فإنها لم تعد الغسل ،بل يجب عليها أن تتوضأ فقط ،ويرى العلماء أن الحيض لا يبدأ وقته  قبل  بلوغ الأنثى  تسع  سنين ،  فإذا   رأت الدم قبل بلوغها هذا السن ، لا  يكون دم حيض ، بل يعتبر دم علة وفساد ، وقد يمتد الحيض إلى آخر العمر ،ولم   يات   دليل على أنه لا غاية ينتهي إليها ،فمتى رأت العجوز المسنة الدم فهو حيض ،وأكثر أيام الحيض للتي جرى عليها الدم ،لأول مرة خمسة عشر يوما ،وما زاد على ذلك فهو علة وفساد ،وهنا تصلي و  يطؤها زوجها ،وأقل أيام الطهر لجميع  النساء خمسة عشر يوما ،وأكثر أيام    الحيض للحامل عشرون   يوما   بعد مضي شهرين من حملها ،وثلاثون يوما بعد ستة أشهر فأكثر ،والعادة الغالبة في الحامل عدم نزول الدم منها ،و   من غير الغالب قد   يعتريها   الدم .

Hébergement Web offert par www.ADK-Media.com