تأملات في أسرار الحج

 

تأملات في اسرار الحج

 

 

 

من المعلوم أن الكون كله  يطوف  بالكعبة  في اتجاه واحد هو اتجاهالتوحيد، والحاج ما هو إلا  مقلد للكون،  الذي يوحد الله،ويؤدي طاعته  لله .ومن العجيب أنالحيوان المنوي يطوف حول البويضة  سبعة أشواط  قبل أن تتم عملية التلقيح، وبهذا يكون  الإنسان قد وحد ربه قبل خلقه جنينا، ليخرج هذا الكائن موحدا ربه بالفطرة التي فطرالناس عليها، وهكذا يجد المسلم أن جميع خلاياه تطوف حول الكعبة تماما على صورة  الكون كله، وما طواف الحاج بالكون إلا مبايعة  لله  على طاعته، وطواف الحاج بالبيت ما هو إلا تجديد للعهد مع ربه على السير في طريق  مستقيم، والحاج أثناء الطواف ، يشعر أنه يقلد   الملائكة   الذين يطوفون حول العرش، وحول البيت  المعمور،علما أن طواف الكون وطواف الملائكة حول العرش، إنما هو طواف تسبيح واستغفار للمومنين ، وفي هذا يقول ربنا العظيم" الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم،ويومنون به ويستغفرون للذين ءامنوا  " سورة غافرالآية:    7  وطواف الحاج بالبيت،يكون بالجسد والقلب،معا،فطوافه بالجسد يكون حول البيت،وطوافه بالقلب يكون حول واضع البيت،وهو الخالق سبحانه وتعالى،وما تقبيل  الحجر الأسود   إلا دلالة على   التوبة،والاعتراف بالذنب وطلب المغفرة والرحمة،من  الله   جل شأنه، لا من الحجر الأسود،وأنا أميل إلى ما قاله  الشيخ الشعراوي ـ رحمه الله ـ بأن الحاج لا يقبل الحجر  الأسود، وإنما يقبل بركة سيدنا   إبراهيم الخليل، هذه البركة تتجلى في إضافته بناء على البناء الذي حدده  الله  للنبي  إبراهيم عليه  السلام، على أن الحاج لما ينظر إلى  الكعبة  المشرفة، يتذكر أنه جاء إلى  البيت  المبارك  بيت  آبائه  إبراهيم وإسماعيل الذين فتح الحاج قلبه لهم،ما دام قدومه من أجل صلة الرحم بهم ،وأن هناك روابط  قلبية وروحية، يحس بها كل حاج تسري في دواخله ، ومن هذا المنطلق نفهم قولالرسول صلى الله عليه وسلم،(النظر إلى الكعبة عبادة)فالنبي الكريم استعمل كلمة  (نظر)   بدل لفظة  (رؤية)   أو مشاهدة ،لأن في النظر استعمال الفكر، والعقل  والتدبر   و استحضارالمعانــي والدلالات التاريخيـة العظيمة   التــي يوحـي بها النظر إلى بيت الله  العظيم أمـاالرؤية أو المشاهدة  فهي   خالية من استخــدام  الفكر.

 

Hébergement Web offert par www.ADK-Media.com