هجرة الرسول بناء وتشريع
- التفاصيل
- المجموعة: تفاصيل
- نشر بتاريخ الأحد, 23 شباط/فبراير 2014 15:35
- كتب بواسطة: الشيخ الدكتور عبد السلام الهبطي الادريسي
- الزيارات: 1449
هجرة الرسول بناءوتشريع
لما عرف المشركون بحقيقة رسالة النبي صلى الله عليه و سلم ، قاموا في وجهه بالطعن في دعوته والسب والشتم في سلوكه ،و لما علم الله بالتخطيط الملعون المتعلق الرسول الله عليه و سلم ، من طرف الكفار، أخبره الله في كتابه بقوله :" و إذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ، و يمكرون ويمكر الله ،والله خير المـــاــــــكرين" سورة الأنفال الآية 30 فقام الرسول صلى الله عليه وسلم ،وترك وراءه بمنزله علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وخرج و هو يقرأ قوله تعالى : " وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشينــاــهم فهم لا يبصرون " سورة يس الآية 8 و لم يره أحد منهم ،بسبب عناية الله برسوله صلى الله عليه وسلم ، فوجد في طريق الهجرة أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ وسلك بهما إلى غار ثور دليل مشرك ،وقد استقر النبي صلى الله عليه وسلم ،وأبوبكر الصديق بهذا الغار ثلاثة أيام والله ثالثهما،وتتجلى عناية الله بهما بنسج العنكبوت ، و تعشيش الحمامة ، وقد خاف أبوبكر الصديق ـ رضي الله عنه ـعلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، من الكفار الذين خرجوا يبحثون عنه حيا أو ميتا ،طمعا في الجائزة التي قدرت لمن وجده بمائة بعير فقال أبو بكر" لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لرآنا ،فظهرت عناية الله بمن سار في طريق الحق بقوله :" إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ،ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصـــاــحـــــــــبه لا تحزن إن الله معنا ، فأنزل الله سكينته عليه ، و أيده بجنود لم تروها ، و جعل كلمة الذين كفروا السفلى ،وكلمة الله هي العليا واللهعزيز حكيم " سورة التوبة الآية 40 وفي طريقه إلى المدينة اشتد به الحنان إلى مكة ،التي ولد بها ، فقال كلامه الخالد " يا مكة إنك عزيزة لدي ، وحبيبة إلى قلبي ، و الله يا مكة ،لولا أن قومك أخرجوني ما خرجت " قال هذا الكلام ،والدموع تتحرك في عينيه ،أو تسقط على وجهه الشريف ،و تابع النبي صلى الله عليه و سلم ، طريقه نحو المدينة في عز وجلال ،والأنصار ينتظرونه ،ودموع الشوق تحجب عنهم المشهد الكريم ،واستمروا يهتفون بالتكبير والتوحيد حتى وصل الموكب الشريف والأفراح تملأ الفضاء بسيد الخلق ، و دموع السرور بحبيب الله تسقط على وجوه الأنصار و زغاريد النساء تضايق السماء،والنبي صلى الله عليه و سلم ، ما زال راكبا على بعيره تاركا له حرية المشي ،حتى أذن الله له بالوقوف ، حيث بهذا المكان أسس النبي صلى الله عليه و سلم ،مسجده النبوي الشريف ، الذي فيه بنى هرم الدولة الإسلامية من تشريع و تعليم و تنظيم قوانين ، كما أن منه تخرج الساسة و القادة و الزعماء و المفسرون وغيرهم من كبار العلماء حتى إن غربيا قال ما معناه : إن محمدا لم يتعلم في مدرسة حربية أو عاش مع أساتذة الحرب ،ولكنه تعلم في مدرسه ربه ،فأصبح قائدا عديم النظير في القيادة والتنظيم ، فلو عمل قادة اليوم ،بما تركه محمد في هذا الشأن ، لكانوا أعظم قادة العالم ، ومن توفيقه في القيادة ،أنه لم يعامل جيشه إلا بالمحبة والرحمة ،وهذا بخلاف قادة اليوم ،فإنهم لا يظهرون أمام جيوشهم إلا بالقساوة والشدة في التسيير ،فهذا الماريشال كيتال مثلا ،كان لا يعاقب جيشه إلا بالحديد والنار وهذا الجنرال ديكول كان شديد الغضب مع جيشه ،ولكن الرسول العظيم عاش وهو يقود الجيش بمهارة ،مدة ثلاثة و عشرين عاما ولم يشاهده الجيش إلا وهو مبتسم ضـــــــــــاحك فصلى الله عليـــــــــك يا رحيم القلـوب.
Hébergement Web offert par www.ADK-Media.com

