ترجمات لعلماء و شيوخ الاسلام

 

الشيخ عبد الله الهبطي عالم و مرشد للأهل منطقة الشمال

 

 

الإمام الهبطي وحفدته شرفاء يجب احترامهموتقديرهم ,كما قال السلاطين العلويون عبد الرحمان بن هشام , ومحمد بن عبدالرحمان ,والحسن الأول .هؤلاء السلاطين قالوا في ظهائرهمأن الولي الصالح العلامة العارف بالله تعالى ,سيدي عبد اللهالهبطي إمام يجب احترامه واحترام حفدته ويجب تقديرهموإكرامهم ,وإنزالهم المنزلة اللائقة بهم ,وقالـوا زاوية هؤلاء الشرفاء موقرةومعظمة ومحترمة ويحترم من يلوذ بها ويلجأ إليها وهذه السطور مأخوذةمنظهير الشرفاء الهبطيين بالأخماس بالمواهب بجوار مدينةشفشاون .من عهد السلطانبن عبد الرحمانإلى السلطان الحسن الأول وقد اعتادت هذه الأسرةالهبطيـة أن تحتفل كل سنة بذكرى هذا الولي الجليللأخذ العبر والدروس وكل ما من شأنه أن يؤثر في سلوكنا من أخلاقوفضـائل .فلوأخـذ الناس مـن سيرة هذاالرجـل لتغيرت القلوب مــن حسنإلـى أحسـن:

 

ياأهل بيت رسول الله  حبكـم       فرض من الله في القرآن أنزلــه

يكفيكم من عظيمالمجدأنكـــم      من  لم يصل عليكملاصلاةلــه

 

وعليه,فشيخنا الهبطي كان متواضعا كريما  كما كانصابرا ورحيما وزاهدا .كان يحب الحق وصلة الرحموكان عابدا وخاشعا .كان يحب المساكين,ويعطف على الضعفاءكان لا يحب النميمة والحسد وإهانة الآخر كان يحب العلموالعلمـاء كان قارئالكتاباللهومتفاعلا مع معانيه كان شجاعا قوي الإيمان فتقديرناللشيخ الهبطي يتجلى لنافي تطبيقه لهذهالصفـات الحميدة.           

  الشيخ الهبطي العالم المتصوف 

 

للشيخ عبد الله الهبطي عدة جوانب مشرقة ,وكل جانب منها يحتاج إلى محاضرات ومؤلفات .وقبلالشروع فيها بإيجاز أقول: إن علم التصوف هو ذلك العلم الذي كافح الشيخ الصالح منأجل تحصيله كغيره من العلوم .ويدرك هذا الجانب بالعمل بما في كتاب الله,وسنة رسولهصلى الله عليه وسلم وبالتأمل والخوف ,وجد الشيخ الهبطي نفسه أنه قد دخل في أسرار لايدركها إلا الرجل الرباني المتأمل ,الحكيم وفي هذا الشأن قال النبي صلى الله عليهوسلم(إذا رأيتمالرجل قد أوتي زهدا ومنطقا فاقتربوا منهفانه يلقن الحكمة) وهكذا استطاع الشيخالهبطي أن يتقرب منربهبسلوكات خاصة ,كالعزلة من أجل التفرغ للعبادة ,وقلة الكلام والجوع حيثإن الصوفي يحب الابتعاد عن الناس ,للتأمل ومحاسبة النفس, وبقلة الطعام تصفو نفسهوفي هذا  الشأن أوحى الله إلى داود عليهالسلام (ياداود  إنالقلوب المتعلقة بشهوات الدنيا ,تكون محجوبة عني)ومن جانب آخر , إذا علمناأن الصبر من صفات المجاهدين ,فـان الشيخ عبد اللهالهبطي قد واجه اصلاح مجتمعه بالصبر والصمود في وجه العواصف والإهانةوتحمل الأذى من بعض الذين لا أخلاق لهم ونظرا لقيمة الصبر ,فان الله سبحانه قداعتبر الصابرين ضمن قائمة أهلالصبر ,حيث قال سبحانه (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لماصبروا) سورةالسجدة الاية 24  كما منح لأهل الصبر جزاء كوساميهيئهم للدخول إلى الجنة حيث قال جل شأنه(إني جزيتهم اليوم بماصبروا أنهم هم الفائزون)  سورةالمؤمنون الايــة 111  وجاء في هذاالشأن ,ما روي عن سيدنا موسى عليه السلام,أنه ناجى ربه ,بجبل الطور قائلا يارب أيمكان أعز لديك في الجنة .فقال يـاموسى أعز مكان عندي فيالجنة ) حضيرةالقدس ( قال يارب من سييسكنها ,فقال الله جل  شأنه يامـوسى سيسكنها أهل المصائب .قـال صفهم لي يارب قال  ياموسى هم قوم اذا نزلت بهم بلية صبروا ,واذا أعطيتهم شكروا ,واذاأصابتهم مصيبة ) قالوا انا للهوانا اليه راجعون ( سورة البقرةالاية 156 .

 

من حسن حظ منطقة الشمال أن الله من  عليها برجل عامل بصدق في ميدان الإصــــلاح والتوجيه إذ لولاه لوقع هذا الجزء من الوطن في فخ الانحراف الذي نشأ بوجود الاستعمار الصليبي الذي كان يحتضن أحواز طنجة ،ونظرا لعدم الاستقرار الذي كان يخيم على هذه المنطقة فلم تر أسرة الإمام الهبطي إلا الفرار والنزوح إلى قرية تيجصاص التي هي جانب من قبيلة بني زيان بمنطقة غمارة ،ومن هذا المكان انتقل الشيخ الهبطي إلى قرية تلمبوط بقبيلة بني زجل التي فيها حفظ كتاب الله وعرف مبادئ الدين ،وفيها أيضا تعلــــــــم علوم القراءات والتفسير وعلوم القرآن ،على الأستاذ الشدادي القسطالي، ومن خلال استــتعداده وتحركه العلمي ،نلاحظ أنه كان منفتحا على عالم المعرفة ،ورحم الله من قال : (إن الإنسان جزء من هذا الكون وإن إرادته من إرادة الكون وكل ما يريده ويعمل على تحقيقه  فإنـــــه سيصل إليه حتما ) ومما كان يميز الشيخ الهبطي عن غيره أنه كان يحــــــافظ على علاقته الطيبة بشيوخه ،ومن هنانجد أنه كان يزور أستاذه الشدادي بين الحين والآخـــــــــــر رغم تحركاته وأسفاره ،ومن جانب آخر فإن الشيخ القسطالي كان يعتبر أن العلاقة بين الطالب الذكي كالشيخ الهبطي وأستاذه لا بد أن تبقى صافية وصادقة ،ومن هـــــنا قربه إليه ،ومن شيوخ الهبطي الفقيه الجليل الأستاذ زروق الذي كان موقرا من طرف وجوه الـــخير،وبعد ما ذاق الشيخ الهبطي حلاوة العلم والمعرفة وتمكن من كثير من فروعه وجوانبه ،التـــحق بمدينة فاس للمزيد من علومها ،وفي هذه المدينة تزود عبد الله الهبطي بعــــلوم الشيخ أبي العباس أحمد الزقاق المتوفى عام 920 هـ،وللهبطي حظوظ من شيوخه الذين كانوا يقربونه إليهم ،ولا عجب في هذا ما دام الذكاءيواكب حياته ،ومن هؤلاءالذين  قربوه إليـــــهم بسبب هذا الفهم العالي أحمد الزقاق الذي كان يقدره ويحترمه ،وفي تازة التقى الهـــــبطي بالشيخ الصوفي عبد الرحيم ابن يجبش ودعا له بالخير وطول العمرولم تدم المدة بينهمــــــــا ،لأن المرض لم يسمح له بالتحدث معه ،لكنه فاز منه بدعاء الخير والرضى .  ومن تازة توجه الشيخ عبد الله الهبطي إلى فاس لأخذ علم التصوف عن الإمام الصوفي الشيخ الغزواني ،وللتذكير يحكى أن الشيخين اجتمعا في مسجد بشمال المغرب ،ولما وصل وقت أداء الصلاة قال الأستاذ الغزواني هيا بنا إلى الصلاة ،فأجابه عبد الله الهبطي لا بأس إذا تمهلنا في أدائها ،غير أن السيد الغزواني صلى ومعه أتباعه ،وبقي الهبطي  بعده قليلا ثم صلى بأنصاره ،ومن جانب آخر لما سلم السيد الغزواني على النساء بتلمبوط رد  عليهن بالمصافحة ،أما الهبطي فاكتفى برد السلام عليهن بالكلام ،ومن هنا يمكن أن نحكم على جدية الهبطي وموقفه الصحيح في أمور الدين ،الذي أضاء قلبه بنور الهداية والتوفيق ،ولما تضلع الشيخ الهبطي في علم التصوف رجع إلى جبال غمارة لينشر ما تعلمه بتلك الربوع ،ومن خلال بحثي وجدت عالما له قيمة تليق بغزارة علمه بهذه الديار هو الشيخ أبو القاسم بن خجو الذي جرى حوار  ساخن بينه وبين الشيخ الهبطي في علم التصوف ،غير أن ابن خجو لم يرقه هذا العلم في أول الأمر لكن بعد مدة من النقاش آمن بوجوده ،ومن العجيب أنه أصبح تلميذا للهبطي في هذا العلم ومؤلفا فيه ،وانتهى هذا النقاش المثمر بتزويجه أخته السيدة أمينة العالمة المقتدرة التي عينها زوجها الشيخ الهبطي بمعهد المواهب لتعليم النساء مبادئ الدين والحيض والنفاس وفارقها ليصلح المجتع الشمالي ا لذي كان قد انحرف كثيرا بسبب الاستعمار  البرتغالي الذي أوقعه في مستنقع الفحشاء  والمنكر فكان الشيخ الهبطي لا يدحل دوارا إلا وبنى به مسجدا أو مكانا للتعليم والوعظ والإرشاد ،وكان ـ رحمه الله ـ يستعين في جهاده بأصدقائه ومحبيه الذين كانوا يقدرونه ويحترمونه ويدافعون عنه بأقلامهم وألسنتهم ومن هؤلاء الأخيار العالم الفقيه بن عيسى العلمي الذي قدم له الشكر الجزيل أثناء شرحه لمنظومته في العدة ،ومن الذين كانوا يكنون له الاحترام أبو الحسن علي النوازلي وغيرهما كثير .إن الإمام الهبطي كان مصلحا كبيرا ،ولكنه كان يتعرض للإهانة والضرب من طرف أعدائه ،وهذه هي سنة الله في الصالحين ،وهكذا انتهت حياة الشيخ الهبطي بالشلل ،ولكنه استرسل في حياته بالجهاد العلمي بمعهد المواهب الذي تخرج منه عدد وافر من العلماء والقراء والفقهاء والمرشدين .

وللتذكير أنني كنت قد كتبت موضوعا مطولا عن الشيخ عبد الله الهبطي وأكثر معلوماته كانت مأخوذة من مقال للدكتور عبد القادر العافية الذي كنت قد اجتمعت به في جامعة محمد الخامس بالرباط وسألته عن قضية تتعلق بعلوم القرآن ،لكنه اعتذر وقال لي سامحني إنني ضعيف في هذه المادة مصادر الموضوع هي كما ياتي :

 


 

     1 ـ الاستقصا في تاريخ المغرب الأقصى للعالم أحمد الناصري

2ـ دوحة الناشر للشيخ ابن عسكـرـ قرأت لهذا الأخير أنه تأثر كثيرا  بشيخه الإمام الهبطي   وطريقته الصوفية الشاذلية

3ـ درة الحجال في غرة أسماء الرجال

4 ـ النبوغ المغربي للعلامة عبد الله كنون

 

 

Hébergement Web offert par www.ADK-Media.com